عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268646 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم النفاس إذا وضعت المرأة ما قد تبين فيه خلق الإنسان

قوله: [ويثبت حكمه بوضع ما يتبين فيه خلق إنسان] ولو خفيا، وأقل ما يتبين فيه إحدى وثمانون يوما . وغالبه ثلاثة أشهر. قاله المجد و ابن تميم و ابن حمدان وغيرهم .


الشرح: يثبت حكم النفاس إذا وضعت المرأة ما قد تبين فيه خلق الإنسان
والمرأة كما هو معلوم قد تسقط حملها، إما بأن تحمل شيئا ثقيلا فيسقط الذي في بطنها، وإما أن تذهب إلى الأطباء ثم يخرجون ما انعقد في بطنها من الجنين، وهو ما يسمى بالتنظيف.
فنقول: إذا كان ذلك الجنين الذي خرج قد تبين فيه خلق الإنسان، فإن الدم الذي يكون بعده دم نفاس، فتترك له الصلاة ولو وصل إلى الأربعين.
فإن لم يتميز فيما خرج خلق الإنسان، وإنما كان مضغة أو لحما متجمدا، ولم يتبين فيه تفاصيل خلق الإنسان، فلا حكم لذلك، بل نعتبره حيضا أو دم فساد.
وقد اختلف في أقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان، فاختار الشارح هنا أن أقله أحد وثمانون يوما ، يعني ثلاثة أشهر إلا تسعة أيام.
وحجة هذا القول الحديث المشهور الذي رواه ابن مسعود، وفيه إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن خلق الإنسان في بطن أمه يكون أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك .
فابتداء المضغة يكون في اليوم الحادي والثمانين؛ لأن الثمانين الأولى تكون نطفة ثم علقة.
ثم في الأربعين الثالثة أو بعد تمامها ينفخ فيه الروح، فتبدأ فيه الحركة، فمن اعتبر أن اليوم الحادي والثمانين هو مبدأ التكوين الثالث،وهو انتقاله من كونه علقة إلى كونه مضغة، والمضغة بلا شك يبدأ فيها التكوين، فإنه إذا وضع في تلك الحال اعتبر له حكم المولود.
ومنهم من قال بأنه في هذه المدة لم يتم تكوينه، ولا يتم إلا بعد تمام الأربعين الثالثة التي هي تمام أربعة أشهر، واعتبر ما قبل ذلك غير متخلق.
لكننا نشاهد أن المرأة قد تضع بعد ثلاثة أشهر أو نحوها ما قد يتبين فيه خلق الإنسان، ولو لم يكن عرضه إلا كعرض الإصبع أو الإصبعين.
فيتبين فيه صورة الرأس ، وصورة تفاصيل القدمين، وإن كانتا لم تزالا مشتبكتين.
فإذا تبين في المولود خلق الإنسان فإن دمها النازل بعده يعتبر دم نفاس، فتجلس مدته.
أما إذا سقط قبل أن يتبين فيه خلق الإنسان، أي قبل تمام الأربعين الثانية، فلا تعتبره دم نفاس.

line-bottom